التجمع ليس على البرادعي ولكن على الحلم المشترك

نشرت: فبراير 2010 – علي الأنترنت

أفضل ما قدمه الجدل على اسم أو هوية الرئيس القادم هو أنه ساهم في إزالة الأقنعة.

الكل في مصر أصبح ديمقراطياً من أول النظام الحاكم ومروراً الإخوان المسلمين ووصولاً إلى الناصريين واليسار. لا يشتم الديمقراطية في مصر إلا أقلية من المهاويس. اليوم أصبحنا كلنا أو على الأقل معظمنا ديمقراطيين. عظيم. لكن حين تأتي إلى ماهية الديمقراطية، الكل يختلف. الجدل حول منصب رئيس الجمهورية وعلى من له الحق في شغل هذا الكرسي تفضل مشكوراً بتحديد جوهر الديمقراطية التي ينشد لها الكل أيات التسبيح. هكذا تبين أيها الأخوة المواطنون أن فكرة الديمقراطية واسعة بما يكفي لكي تمنع حوالي 60% من شعب مصر (النساء والأقباط) من تولي منصب رئيس الجمهورية كما تريد جماعة الإخوان. ونفس الفكرة الديمقراطية رحبة بما يكفي لكي تحتوي الدعوة علنا إلى إنقلاب عسكري أبيض يعيد بهاء نظام الضباط الأحرار الذي هال عليه السادات ومبارك التراب.كل هذا وإن دل على شيء يا أخوة فهو يدل على أن الديمقراطية رحبة وقادرة على احتواء الجميع.

ظهور الدكتور محمد البرادعي على الساحة جاء لكي يزيد من الفرز في معسكر المسبحين بحمد الديمقراطية. فهو قد أثبت أن جمال مبارك هناك من هو أحدث منه وأعلم منه وأعرف منه بدهاليز “أوروبا والدول المتقدمة”. كما أثبت أن هناك نسبة من الشعب المصري تريد على رأس الجمهورية شخص متعلم، مثقف، علماني وأن أكثر هؤلاء الناس لن يتحمس لجمال مبارك مع أنه يتم الترويج له على أنه متعلم ومثقف وعلماني أكثر من أبيه. يعني باختصار محمد البرادعي قادر على تحريك الملايين من المصريين من الذين لا يجدون لهم معبرين على الساحة السياسية والذين لن يستطيع جمال مبارك أي يأخذ منهم إلا جزء صغير وعلى مضض باعتباره أحسن من الإخوان ومن العساكر. محمد البرادعي بالتأكيد سحب من جمهور جمال مبارك وجمهور أيمن نور. أيمن نور الذي اتسعت ديمقراطيته وليبراليته لأن يذهب إلى المجلس النيابي البريطاني ليدافع عن النظام المصري في موضوع مذبحة الكشح التي ستظل اكليلاً للعار على جبين هذا النظام مثلها مثل مذبحة نجع حمادي. أيمن نور الذي اتسعت ليبراليته أيضاً لأن يصلي خلف المرشد العام للإخوان المسلمين لكي يحصل على أصوات الجماعة. البرادعي يسحب من أيمن نور لأنه يطرح تغيير قواعد اللعبة وليس فقط محاولة المناورة من خلالها. فالبرادعي لن يصل إلى الكرسي إلا إذا تم فرض تعديلاً دستورياً يفتح المنصب الأعلى في الدولة للتصويت الشعبي الحر.
أهم شيء يمكن أن يقدمه الدكتور محمد البرادعي لمصر هو أن يساهم بشخصه في فرز السياسيين والمهتمين بالسياسة. والفرز مهم لأنه يشق المواقع الضعيفة ويقسم التجمعات السياسية الواهية لكي يعيد تركيبها على أرضية مواقف حقيقية. معركة البرادعي ليست فقط الحصول على مقعد. إنها معركة تجميع كل من يريد لمصر مرحلة انتقالية سلمية تكون المهمة الأساسية فيها تفكيك شبكات الاستبداد والظلم والفساد والجهل والتعصب وإزاحتها من مراكز السلطة.
البرادعي سيأتي يوم الجمعة. وسأذهب لتحيته مع الكثير من الرفاق الذين أعرفهم والذين لم أتعرف عليهم بعد وأنا لا أعرف بعد مدى كفاحيته واستعداده للتضحية في سبيل مهمة تجميع تيار ديمقراطي متعدد المرجعيات والمشارب. فلنجازف بالرهان على البرادعي. ولكن لا يجب أبداً أن نجازف بنسيان حقيقة مهمة.. أن الناس التي وجدت طموحاتها السياسية والوطنية في البرادعي يجمعها حلم مشترك أو على الأقل نقاط برنامجية مشتركة. إننا وان تجمعنا اليوم على البرادعي، فيجب غداً أن نجتمع على ما هو أكثر من الشخص، نجتمع في حلف النضال من أجل فرض العدالة والحرية والديمقراطية على أرض مصر.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *