دليل المواطن الذكي لتأييد المرشح الرئاسي الأفضل

في الشهر الماضي تجرع المصريون من السياسة ما لم يتجرعوه طوال عصر مبارك. الشعب كان جوعان سياسة. وها هو يأكل من السياسة حتى التخمة. ولكي لا تتحول هذه التخمة إلى عسر هضم يجب أن ننشط قدرتنا على هضم السياسة بواسطة تنظيم الصفوف وتكثيف الحوار حول قضايا مفصلية خاصة بمستقبل مصر وعلى رأسها انتخاب رئيس جديد للبلاد. لقد بات من شبه المؤكد أننا سندخل في انتخابات الرئاسة بعد عدة شهور وأصبح من الواضح أن هناك العديد من الشخصيات التي تعد نفسها للترشح. هذه الشخصيات تحتاج الآن وفوراً لتأييد ودعم مجموعات من الشعب لكي تتولي إعداد وإدارة برامجها الانتخابية والإعلامية وجمع التوقيعات إذا لزم الأمر، إلى أخر استعدادات الترشح. ومن هنا فإن قطاع مهم من الشعب المصري عليه أن يحسم الآن اختياره لصالح مرشح رئاسي لكي يسانده في حملته، بينما سيفضل قطاع أخر تأجيل عملية الاختيار عدة شهور عندما تبدأ الانتخابات الرئاسية ويكتفي بالمشاركة بالتصويت.

إلى هؤلاء الذين عليهم ترجيح كفة مرشح الآن أكتب هذه المقالة فتحاً للنقاش حول المؤهلات التي يجب أن يتحلى بها الرئيس القادم لكي ينجح في قيادة مرحلة انتقالية تتم فيها تصفية نظام مبارك ووضع الدعائم الأساسية لقيام نظام ديمقراطي. هذه هي من وجهة نظري موصفات المرشح الجدير بدعمنا:

كفء، متعلم ومجيد للغة العصر

لم تكن ثورة مصر الديمقراطية لتنجح بدون مهارات التنظيم والتعبئة والحشد التي أعدت ليوم 25 يناير والتي واكبت نمو الثورة واتساعها. لاشك أن قطاع مهم من شباب مصر المتعلم والمجيد لمهارات التواصل على الانترنت كان قوة ضاربة في معركة التغيير. لقد هزمنا نظام مبارك بالعلم كما هزمناه بدم الشهداء والجرحى. ومن هنا فإن رئيس مصر القادم لابد أن يكون شخصية ذات علم رفيع وذات كفاءات إدراية. فلنبحث في سجل كل مرشح عن أدائه في المؤسسات التي عمل بها، ولنسأل زملاءه عن انجزاته في قيادة فريق عمل في هذه المؤسسات، ولنقيم قدراته على التواصل من خلال أدوات الإتصال الحديثة وخاصة الانترنت.

عارف لمصر وقائد لفريق من العارفين بها
مصر فيها طاقات هائلة معطلة وفيها مشاكل كثيرة معقدة. نحتاج رئيساً عارفاً بخريطة امكانات مصر كما بمشاكلها. لكننا نعيش في عصر مؤسسات، عصر يقوم على التخصص وتقسيم العمل، لا يمكن لشخص فيه أن يفهم في كل شيء. لذلك لابد أن يكون للمرشح كتيبة من المتخصصين في الشئون المختلفة لكي يشوروا عليه ويساعدوه في اتخاذ القرارات. فليكن شعارنا هنا في تقييم المرشحين: قل لي من هم معوانيك أقول لك من أنت.

بريء من جرائم النظام السابق ومؤمن بحقوق الانسان
لا يكفي أن يكون رئيس مصر القادم كفء. فالفكاءة إذا لم تكن مصحوبة بالشرف والخلق لن تكون مُسخرة لخدمة الشعب. لابد وأن يكون سجل المرشح ناصعاً في مجال النزاهة. ولابد ألا يكون قد عمل في خدمة النظام القديم أو تواطأ معه. لابد أن يكون سجله فيه إدانة لجرائم نظام مبارك ضد الشعب، من تعذيب للناس واهانتهم ومن سرقة أموال الشعب وتزييف إرادته. ولابد أن يكون إيمانه بحقوق الانسان راسخاً، بكل ما يعنيه حقوق انسان من حقوق متنوعة، على رأسها حق الانسان في اختيار دينه أو عقيدته والتعبير عن أرائه بحرية كما حقه في العلاج والتعليم والسكن.

ديمقراطي توافقي
رئيس مصر لن يكون ممثلاُ لتيار سياسي أو فكري واحد. فالثورة صنعتها جماعات وقوى متنوعة منها ما يمكن تصنيفه مثل الليبراليين والاخوان المسلمين واليسار ومنها – وهذا هو الجزء الأعظم – صعب تصنيفه بالمواصفات التقليدية. لذلك لابد أن يكون الرئيس القادم قادراً على التعاون مع كل هذا الطيف السياسي، كما يكون قادراً على حشد تأييد جديد للثورة وأهدافها في أوساط بعض قطاعات الشعب المصري التي لا تزال مترددة تجاه التغيير الحادث في مصر الآن.

صاحب رؤية استراتيجية لإصلاح الدولة المصرية
لقد ترك مبارك تركة ثقيلة لمن يأتي بعده. وأكبر مصيبة خلفها وراءه هي مؤسسات دولة ضعيفة ينخر فيها الفساد. الرئيس القادم سيكون بحكم منصبه القائد الأعلى للمسؤلين والموظفين في جهاز الدولة. من هنا نجاحه في إصلاح الدولة يتطلب برنامج محدد وجدول زمني للإصلاحات الازمة لذلك، كما يتطلب حصوله على مساندة قوية من خارج جهاز الدولة للقيام بذلك. يأتي على رأس المؤسسات الواجب إصلاحها جذرياً مؤسسات الأمن الداخلي المحتاجة لإعادة بناء لتطهيرها من العناصر الإجرامية والمستبدة التي تتعامل مع الشعب من منطلق السيادة عليه لا الخدمة له.

قادر على استدعاء المصريين بالخارج كما على بناء تحالفات خارجية لصالح تقدم مصر
لقد أدت أوضاع مصر السيئة في العقود الماضية إلى هجرة الملايين من المصريين الشرفاء من ذوي الكفاءات التي ممكن أن تعمل لصالح مصر. لابد أن يكون للمرشح الرئاسي القدرة على التواصل مع جماعات المصريين في الخارج من أجل حشد تأييدهم ودعمهم لإعادة بناء مصر. كما يجب أن يتوفر للمرشح رؤية لبناء تحالف عربي تحرري وانساني قادر على تحرير منطقتنا من الاستعمار والتخلف والتعصب، كما يجب أن يكون لديه علاقات في منطقتنا العربية وفي العالم تستطيع أن تعبيء الدعم لصالح تحرر مصر وازدهارها.

لا أعتقد أن هذه المؤهلات تتوافر مائة بالمائة في أي من الموجودين على الخريطة العامة في مصر اليوم. فمبارك عمل بدأب طوال ثلاثين عاماً على تجفيف منابع نمو القيادات السياسية. وعليه فاختيارنا للمرشح الرئاسي الأفضل لابد أن يقوم على الوصول إلى أكثر مرشح يحصل على نقاط وفق معايير محددة. لقد حاولت في هذه المقالة طرح بعض من هذه المعايير. عل النقاش يضيف إليها وينقح فيها. فلتعمل بهمة ونشاط لكي نحصل على أفضل رئيس ممكن لمصر في المرحلة المقبلة. والمجد لمن سيقود مسيرة الثورة من مقعد رئيس الجمهورية. فالمهمة شديدة الصعوبة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *